يصعب النظر إلى إقالة إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير «الدستور» وكأنها ناجمة عن خلافات عادية يمكن أن تنشب فى أى وقت بين مالك صحيفة ورئيس تحريرها، سواء تعلقت هذه الخلافات بجوانب إدارية ومالية تعد اختصاصاً أصيلاً لمجلس الإدارة، أو بجوانب تحريرية ومهنية تعد اختصاصاً أصيلاً لهيئة التحرير. ولأن تنحية «عيسى» تعد قضية سياسية بامتياز، فأى محاولة للنظر إليها أو تفسيرها بطريقة مغايرة تشكل إما تجنياً على الحقيقة أو محاولة مكشوفة للالتفاف عليها. ولإدراك أبعادها المختلفة، علينا أن نعترف أولاً بعدد من المسلمات.
أولاها: استحالة الفصل التام بين ملكية الصحيفة، خصوصاً إذا كانت «خاصة» أو «مستقلة»، وبين سياستها التحريرية. وثانيتها: أن نطاق الحرية الممنوحة لهيئة التحرير يتوقف، أولا وقبل كل شىء، على وجود علاقة واضحة ومستقرة ومتفق عليها سلفاً مع مجلس الإدارة، أى مع المالك، وأسلوب حل الخلافات المحتملة بينهما. وثالثتها: استحالة نجاح أى صحيفة، أو صمودها، فى ظل علاقة متوترة بين مالك الصحيفة ورئيس تحريرها.
ولا جدال فى أن الصيغة الأصلية لهذه بين المالك القديم لـ«الدستور»، عصام إسماعيل فهمى، ورئيس التحرير المؤسس، إبراهيم عيسى، سمحت بإصدار صحيفة لها طعم ومذاق مختلف، حمل البصمات الشخصية لرئيس التحرير، وشكل مدرسة متميزة فى الصحافة المصرية، بصرف النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف مع نهجها. ولا جدال أيضاً فى أن استمرار العمل بالصيغة نفسها دون تغيير بات أمراً مستحيلاً فى ظل المالك الجديد، وذلك لأسباب عديدة.
أولها: أن السيد البدوى ليس مجرد رجل أعمال ولكنه، بالإضافة إلى ذلك، سياسى يرأس حزباً كبيراً فى الوقت نفسه. وثانيها: أن انتقال الملكية من شخصية مستقلة إلى شخصية حزبية يأتى فى ظل أوضاع سياسية شديدة الحساسية، خصوصاً مع اقتراب انتخابات تشريعية ورئاسية تشكل ــ سواء بالنسبة لحزب حاكم يصر على تمرير مشروع التوريث أو بالنسبة لقوى معارضة تطمح فى تغيير قواعد اللعبة السياسية ــ معركة حياة أو موت.
وثالثها: أنها تجىء عقب قرار حزب الوفد المشاركة فى انتخابات مجلس الشعب دون ضمانات، والذى شكل صدمة لكثيرين ورأوا فيه دليلاً على وجود صفقة مع الحزب الحاكم. ورابعاً: أنها تتم فى ظل حملة قمع وتصعيد، يمارسها الحزب الحاكم ضد المعارضة، وتستخدم فيها الأحزاب الرسمية، وفى مقدمتها حزب الوفد، كغطاء وكأدوات معاونة.
لا أميل بطبعى إلى تبنى نظرية المؤامرة أو الاستماع إلى أحاديث النميمة فى المقاهى السياسية، غير أن تصرفات الدكتور البدوى فى الآونة الأخيرة تثير أسئلة لم ينجح فى تقديم إجابات مقنعة عليها، حتى بالنسبة لمحبيه الذين توقعوا منه جهداً أكبر لإعادة ترتيب البيت الداخلى لحزب حظى بزخم كبير عقب انتخابه رئيساً. ولأن مهمة نبيلة كهذه تتطلب منه تفرغاً كاملاً، فإن كثيرين، وأنا منهم، لم يفهموا لماذا يقدم رئيس حزب معارض على شراء صحيفة مستقلة فى هذا التوقيت بالذات.
وحتى بافتراض أن هذه الخطوة تتعلق بحسابات لها صلة بطموحات شخصية وليس بصفقات حزبية، إلا أن كثيرين، وأنا منهم أيضاً، لم يفهموا لماذا قرر الدخول بهذه السرعة فى صدام مع رئيس تحرير «الدستور»، ولحساب مَنْ؟. فهل يدرك الدكتور البدوى، الذى اتسمت تصرفاته فى الآونة الأخيرة بالكثير من الارتباك والتردد، أن النظام الحاكم هو المستفيد الأوحد من تنحية معارض فى شجاعة إبراهيم عيسى، وأنه استخدم، بوعى أو دون وعى، أداة فى معركة أصبح الخاسر الوحيد فيها؟
أولاها: استحالة الفصل التام بين ملكية الصحيفة، خصوصاً إذا كانت «خاصة» أو «مستقلة»، وبين سياستها التحريرية. وثانيتها: أن نطاق الحرية الممنوحة لهيئة التحرير يتوقف، أولا وقبل كل شىء، على وجود علاقة واضحة ومستقرة ومتفق عليها سلفاً مع مجلس الإدارة، أى مع المالك، وأسلوب حل الخلافات المحتملة بينهما. وثالثتها: استحالة نجاح أى صحيفة، أو صمودها، فى ظل علاقة متوترة بين مالك الصحيفة ورئيس تحريرها.
ولا جدال فى أن الصيغة الأصلية لهذه بين المالك القديم لـ«الدستور»، عصام إسماعيل فهمى، ورئيس التحرير المؤسس، إبراهيم عيسى، سمحت بإصدار صحيفة لها طعم ومذاق مختلف، حمل البصمات الشخصية لرئيس التحرير، وشكل مدرسة متميزة فى الصحافة المصرية، بصرف النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف مع نهجها. ولا جدال أيضاً فى أن استمرار العمل بالصيغة نفسها دون تغيير بات أمراً مستحيلاً فى ظل المالك الجديد، وذلك لأسباب عديدة.
أولها: أن السيد البدوى ليس مجرد رجل أعمال ولكنه، بالإضافة إلى ذلك، سياسى يرأس حزباً كبيراً فى الوقت نفسه. وثانيها: أن انتقال الملكية من شخصية مستقلة إلى شخصية حزبية يأتى فى ظل أوضاع سياسية شديدة الحساسية، خصوصاً مع اقتراب انتخابات تشريعية ورئاسية تشكل ــ سواء بالنسبة لحزب حاكم يصر على تمرير مشروع التوريث أو بالنسبة لقوى معارضة تطمح فى تغيير قواعد اللعبة السياسية ــ معركة حياة أو موت.
وثالثها: أنها تجىء عقب قرار حزب الوفد المشاركة فى انتخابات مجلس الشعب دون ضمانات، والذى شكل صدمة لكثيرين ورأوا فيه دليلاً على وجود صفقة مع الحزب الحاكم. ورابعاً: أنها تتم فى ظل حملة قمع وتصعيد، يمارسها الحزب الحاكم ضد المعارضة، وتستخدم فيها الأحزاب الرسمية، وفى مقدمتها حزب الوفد، كغطاء وكأدوات معاونة.
لا أميل بطبعى إلى تبنى نظرية المؤامرة أو الاستماع إلى أحاديث النميمة فى المقاهى السياسية، غير أن تصرفات الدكتور البدوى فى الآونة الأخيرة تثير أسئلة لم ينجح فى تقديم إجابات مقنعة عليها، حتى بالنسبة لمحبيه الذين توقعوا منه جهداً أكبر لإعادة ترتيب البيت الداخلى لحزب حظى بزخم كبير عقب انتخابه رئيساً. ولأن مهمة نبيلة كهذه تتطلب منه تفرغاً كاملاً، فإن كثيرين، وأنا منهم، لم يفهموا لماذا يقدم رئيس حزب معارض على شراء صحيفة مستقلة فى هذا التوقيت بالذات.
وحتى بافتراض أن هذه الخطوة تتعلق بحسابات لها صلة بطموحات شخصية وليس بصفقات حزبية، إلا أن كثيرين، وأنا منهم أيضاً، لم يفهموا لماذا قرر الدخول بهذه السرعة فى صدام مع رئيس تحرير «الدستور»، ولحساب مَنْ؟. فهل يدرك الدكتور البدوى، الذى اتسمت تصرفاته فى الآونة الأخيرة بالكثير من الارتباك والتردد، أن النظام الحاكم هو المستفيد الأوحد من تنحية معارض فى شجاعة إبراهيم عيسى، وأنه استخدم، بوعى أو دون وعى، أداة فى معركة أصبح الخاسر الوحيد فيها؟